انتقدت منظمة "
هيومن رايتس ووتش" احتجاز السلطات
الإماراتية تعسفيا ما لا يقل عن 2400 أفغاني منذ أكثر من 15 شهرا في "مدينة الإمارات الإنسانية"، بالعاصمة أبوظبي، واصفة ظروف احتجازهم بـ"المزرية".
وقالت المنظمة إن عدد المحتجزين يقدر ما بين 2400 و2700 شخص من الذين فروا من أفغانستان عقب سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في 15 أغسطس/ آب 2021، داعية الإمارات إلى الإفراج بشكل عاجل عن المحتجزين تعسفيا وتوفير إجراءات عادلة وفعالة لتحديد وضعهم واحتياجاتهم المتعلقة بالحماية.
في الأسابيع والأشهر التي تلت سيطرة "طالبان" على كابول في 15 آب/ أغسطس 2021، أجلت الولايات المتحدة، و"حلف شمال الأطلسي"، والإمارات، وحكومات أخرى عشرات آلاف الأفغان إلى مواقع حول العالم.
ونقلت حكومة الإمارات آلاف الأفغان على متن رحلات مستأجرة خاصة إلى أبو ظبي، ثم نقلتهم إلى مدينة الإمارات الإنسانية و"مدينة تصميم العمالية"، وهي منشأة سكنية أخرى، بانتظار الانتقال إلى بلدان أخرى، بحسب المنظمة.
وذكر تقرير المنظمة أنه في حين أُعيد توطين الكثيرين لاحقا في الولايات المتحدة وكندا وأماكن أخرى، كان ما بين 2400 إلى 2700 أفغاني ما يزالون محتجزين تعسفيا في الإمارات حتى أوائل كانون الثاني/ يناير 2023.
قالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: "تحتجز السلطات الإماراتية آلاف طالبي اللجوء الأفغان منذ أكثر من 15 شهرا في أماكن مكتظة وظروف مزرية دون أمل في إحراز تقدم في قضاياهم. بعد تعرضهم لصدمة كبيرة أثناء الفرار من أفغانستان، ها هم يواجهون المزيد من الصدمات الآن بعد أن أمضوا أكثر من عام طي النسيان في الإمارات".
قابلت هيومن رايتس ووتش 16 أفغانيا محتجزا في مدينة الإمارات الإنسانية في تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر 2022، بينهم ثمانية عملوا سابقا في مرحلة ما في هيئات أو برامج تابعة للحكومة الأمريكية في أفغانستان، دون ذكر أسمائهم حماية لهم من انتقام السلطات، على حد وصف المنظمة.
وأفاد الأفغان الذين تمت مقابلتهم بوجود قيود على حريتهم في التنقل، ونقص الإجراءات العادلة والفعالة لتحديد وضع اللجوء والمسارات الآمنة والقانونية للانتقال إلى بلدان أخرى، ونقص المشورة القانونية الملائمة، ونقص الخدمات التعليمية الملائمة للأطفال. في غياب الدعم النفسي، يمرّ العديد من البالغين والأطفال بالاكتئاب وحالات نفسية أخرى. كما تدهورت الظروف المعيشية بشكل كبير، حيث وصف المحتجزون الاكتظاظ، وتدهور البنية التحتية، وانتشار الحشرات.
قال أحد الأفغان: "المخيم يشبه السجن تماما". وأعرب آخر عن إحباطه الشديد من كون احتجازه إلى أجل غير مسمى، قائلا: "المشكلة الكبرى هي أننا لا نعرف مستقبلنا ولا نعرف وجهتنا".
وتتكون "مدينة الإمارات الإنسانية" من منشأتين سكنيتين، وهما مجمعان سكنيان وافقت الإمارات على تحويلهما إلى منشأة مؤقتة لإسكان اللاجئين الأفغان تحت إشراف الحكومة.
قال العديد من الأفغان الذين تمت مقابلتهم إنه لا يُسمح لهم بمغادرة المجمع السكني بحرية، حيث يسمح لهم بالزيارات الضرورية للمستشفى تحت مراقبة دقيقة من قبل حراس الأمن أو المرافقين من المخيم.
وقالوا إن المرة الأخرى الوحيدة التي سُمح لهم خلالها بمغادرة المخيم كانت عندما اصطحبت السلطات مجموعة إلى مركز تسوق، لكنهم كانوا برفقة الحراس وتحت المراقبة طوال الزيارة.
قال من أجريت معهم المقابلات إن حراس الأمن يتمركزون عند بوابات المخيم وفي كل مبنى سكني، وهناك كاميرات أمنية في كل ممر. قال السكان إن سلطات المخيم تقيّد بشدة الزيارات إلى المجمع.
قال معظمهم إنه لم يتم إخبارهم بسبب احتجازهم. وقال رجل أفغاني إن سلطات المخيم أخبرته أنه بحاجة إلى تأشيرة دخول إلى الإمارات إذا أراد مغادرة المخيم. لم يذكر أي من المحتجزين الذين تمت مقابلتهم أنه تمكن من الاتصال بمحام منذ وصولهم. قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي للإمارات ضمان وصول الأفغان إلى المحامين والخدمات القانونية.
قال أولئك الذين تمت مقابلتهم إنهم كانوا يحاولون التقدم بطلب لإعادة التوطين في الولايات المتحدة لكن لم تُتَح لهم إجراءات عادلة وفعالة لتحديد وضع اللجوء، أو إجراءات الحماية الدولية الأخرى، أو فرص للانتقال إلى بلد آخر. وأوضحوا أن التواصل مع المسؤولين الإماراتيين أو المسؤولين في القنصلية الأمريكية كان مقيدا بشدة.
وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أنها راسلت وزارتَي الداخلية والخارجية الإماراتية ووزارة الخارجية الأمريكية لطلب التعليق على النتائج، دون تلقي أي رد.
اظهار أخبار متعلقة
في المقابل، ردت منسقة شؤون نقل الأفغان في وزارة الخارجية الأمريكية برسالة إلى هيومن رايتس ووتش بتاريخ 14 آذار/ مارس 2023، قائلة إن "التزام الولايات المتحدة بنقل جميع الأفغان المؤهلين وإعادة توطينهم هو التزام ثابت. يشمل ذلك الأفغان المؤهلين الموجودين في مدينة الإمارات الإنسانية في الإمارات العربية المتحدة"، مضيفة أن المسؤولين الإماراتيين فقط هم المسؤولون عن إدارة المدينة الإنسانية، والتحكم بها، وتشغيلها.
ودعت المنظمة الإمارات إلى الإفراج الفوري عن الأفغان الذين تم إجلاؤهم، ولا سيما الأطفال المحتجزون وعائلاتهم، وضمان حصول جميع الأفغان الذين تم إجلاؤهم على إجراءات عادلة وفردية لتحديد وضع اللجوء واحتياجات الحماية، والسماح لهم بالتنقل بحرية والإقامة في المكان الذي يختارونه طوال مدة النظر في قضاياهم، والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الحجز.
كما طالبت المنظمة الحقوقية الحكومة الأمريكية أن تستخدم نفوذها لدى السلطات الإماراتية لحثها على إطلاق سراح الأفغان المحتجزين الذين تم إجلاؤهم، والإسراع بمعالجة طلبات اللجوء الأمريكية المعلقة، أو الإفراج المشروط لأسباب إنسانية، أو غيرها من طلبات التأشيرة المقدمة من الأفغان في الإمارات.